سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Thursday, June 15, 2006

ردا علي افتراءات روزاليوسف

كتبت المقال أدناه للرد على الافتراءات التي ذكرت في
تحقيق صحفي بجريدة روز اليوسف عن "مسلمون ضد التمييز

بل سنقاوم التمييز وندافع عن الإسلام


د.م/ محمد منير مجاهد

كانت جريدة روز اليوسف من الصحف التي احتفت ببيان "مسلمين ضد التمييز" الذي وصل عدد الموقعين عليه حتى الآن إلى 183 شخصية مهنية بارزة من مهندسين وأطباء وأساتذة جامعات وصحفيين وفنانين وطلاب جامعات وغيرهم من داخل وخارج مصر ولا زالت التوقيعات تتوالى، وهو ما يؤكد أن مصر بخير وأنها بعقلها وضميرها ترفض اختطاف الإسلام من قبل الجهلاء والمتعصبون والقتلة والسفاحون وجماعات التطرف والغلو.



وقد أدهشني أن أقرأ تحقيقا في نفس الجريدة بتاريخ 2 يونيو 2006 بعنوان "علماء الأزهر يرفضون تكوين جبهات ضد التمييز أو الدفاع عن الإسلام في مصر" تضمن تصريحات لأربعة من علماء الأزهر الذين نجدهم في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة من تليفزيون - سواء في قنواته الأرضية أو الفضائية - وإذاعة وصحافة، متحدثين باسم الإسلام في كل شأن من شئون الحياة وهم: الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث، والدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية اجتمعوا على مهاجمة ما وصفوه بتجمع "مسلمون ضد التمييز" باعتباره نوعا من المزايدة بدون وجه حق، وبأنه إشاعة للتمييز، وبأنه أسلوبا انتهازيا ومرضيا، وأننا في مصر لسنا في حاجة لمثل هذه الجبهة للدفاع عن حقوق الأقباط أو الدفاع عن حقيقة الإسلام.



كنت أتوقع وقد نشأت مجموعة من المسلمين تأمر بالمعروف (المساواة بين المواطنين وحق الاعتقاد) وتنهى عن المنكر (التمييز على أساس ديني) وتدعو إلى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة أن نجد هؤلاء العلماء وسدنة الإسلام ومعهم كل من يزعمون أن مرجعيتهم هي الإسلام من أوائل الموقعين على بيان "مسلمون ضد التمييز" - إن كانوا قد قرءوه ولم يكتفوا بالعنعنة - ولكنهم للأسف لم يفعلوا وفضلوا أن يسكتوا، وفي حالتنا هذه يكون الساكت عن الحق شريك في دعم ممارسات التمييز والترويع التي تمارس ضد غير المسلمين، بل وضد المسلمين المعادين للتمييز على أساس ديني، مهما حاولوا إخفاء هذا الموقف بكلمات عامة عن سماحة الإسلام وحقوق غير المسلمين وخلافه. ولكن المتحدثين الأربعة لم يكتفوا بالسكوت عن الحق بل قاوموه وحاولوا تشويهه وهو ما سنرد عليه في ما يلي.



أود أن أوضح في البداية أنه لا وجود لجماعة أو تجمع يسمى "مسلمون ضد التمييز" وإن كانت الأقوال الواردة في التحقيق المذكور تجعل وجود مثل هذا التجمع أو الجماعة ضرورة. فكل ما حدث أنني وقد أتيت من أسرة متدينة تفخر بشرف انتمائها لآل البيت وتذخر بأولياء الله الصالحين في عدد من المدن والقرى المصرية تربيت على أن الدين المعاملة وأن التعصب الديني هو أسلوب الذين لا يثقون في دينهم ولا يعرفون قدره، ووجدت أن الحوادث الأخيرة ضد المسيحيين الآمنين في ثلاث كنائس تستدعي أن ننهض كمسلمين مناهضين للتمييز لإعلان موقفنا، ومن هنا فقد صغت بيان وطرحته للتوقيع بين المسلمين فقط ليس بهدف استبعاد المسيحيين, ولكن بهدف إثبات أننا كمسلمين نساند إخواننا المسيحيين وشركائنا في الوطن في مواجهة التمييز ضدهم الذي نعتبره خروجا على مبادئ الإسلام، وأنه لا بد من ظهور صوت إسلامي ينكر هذا التمييز والظلم في هذا البلد، وأن ندافع عن رؤيتنا السليمة للإسلام وألا نترك الساحة لمسلمي البترو-دولار والمتخلفين والجهلاء، وكان رد الفعل والحماس للبيان أكثر من رائع، إذ وصل عدد الموقعين حتى الآن إلى 185 توقيعا من مثقفي ومفكري مصر وخيرة المسلمين من أبنائها.



يرفض الدكتور حامد أبو طالب تكوين تجمعات تعلن عن أنها تدافع عن حقوق الأقباط في مصر لأن "الإخوة الأقباط يأخذون حقوقهم كاملة"... "مع أن بعض فئات من المسلمين يحرمون من كثير من الحقوق التي قد يأخذها الأقباط"، ولم يوضح لنا سيادته ما هي الحقوق التي يأخذها المسيحيين ويحرم منها بعض المسلمين، ومثل هذه الأقوال تقترب كثيرا من اللامعقول لأنها تعنى أن الأقلية الدينية تضطهد الأغلبية الدينية، وهي في ذاتها دليل على وجود تمييز ديني في مصر وتدخل في ما أسماه بياننا بـ إشاعة مناخ هستيري ضد المسيحيين في مصر. يختتم الدكتور حامد أبو طالب تصريحاته بقوله "أنه (أي الإسلام) الدين الرئيسي في الدولة، وأحكامه ظاهرة وكل مسلم يستطيع أن يقول ما يشاء في أي وقت يشاء" وسؤالنا له ولغيره ممن يحتكرون لأنفسهم الحديث باسم الإسلام: إذا كان كل مسلم يستطيع أن يقول ما يشاء في أي وقت يشاء فلماذا لا نستطيع نحن؟ أم أن هناك مواصفات خاصة لـ "كل مسلم" لا تنطبق علينا.



أما الدكتور عبد المعطي بيومي فيرى رأيا عجيبا حقا ويعرب عن "خوفه من أن تكون هذه الجبهة (يقصد هذا البيان) إشعالا للفتن في مصر ومحاولة خلق نوع من التعصب بإشعار المجتمع بأن هناك تمييز" وبهذا نصبح نحن المسلمون ضد التمييز سبب التعصب الديني في مصر وليس التيارات السلفية على اختلافها، وليس تغاضي أو تشجيع الدولة - ومن رموزها الدينية الدكتور وزملاءه - وليس مشايخ الفتنة وهجومهم المتواصل على عقائد المسيحيين جهارا نهاراً، ومن المصادفات أن الأستاذ سامح فوزي قد كتب مقالا في نفس العدد من روز اليوسف يضرب فيه مثلا بمقالات تحض صراحة على الفتنة منشورة في صحيفة قومية كبرى. ونسأل الدكتور ماذا فعل لمنع إشعال الفتنة في مصر؟ وهل يرضى الإسلام بالظلم؟ أم أن مصر قد خلت ـ في نظره ـ من الظلم والتطرف؟ وهل يصح السكوت من عالم مسلم كبير مثله على وقوع ظلم كان من واجبه التصدي له؟ أم يتصدى لنا نحن حين نقوم عنه بهذه المهمة؟



وترى الدكتورة آمنة نصير أن المسيحيين لا يحتاجون إلى جبهة تدافع عنهم ضد التمييز وتضيف "أن القول بالدفاع عن حقيقة الإسلام في مصر هو نوع من التدليس" وبدلا أن تشرح لنا لماذا نحن مدلسين فإنها تناقش قضية لم تطرح في بياننا وهي إثبات أن المسلمين في مصر من أصول قبطية أيضا، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول هذه القضية التاريخية فإنني أود أن أقول للأستاذة الفاضلة - وغيرها ممن يحاربون طواحين الهواء في التاريخ - أن المصريين المعاصرين أيا كان دينهم أو عنصرهم أو جنسهم ليسوا مسئولين عما فعله أجدادهم من آلاف السنين أو مئاتها أو حتى عشراتها ولا عن الانتصارات أو الانكسارات، وما حدث في الماضي قد حدث ولا يمكن تغييره وليس له تأثير على المستقبل. ما سيؤثر على المستقبل فعلا هو ما نفعله الآن ولهذا يجب أن نقاوم الآن التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو الإقليم أو حتى الانتماء السياسي لأن هذا هو الطريق الوحيد لمستقبل زاهر لهذا البلد الأمين ولكل بلداننا العربية.



ويرى الدكتور محمد رأفت عثمان "أننا في مصر لسنا في حاجة لمثل هذه الجبهة للدفاع عن حقوق الأقباط أو الدفاع عن حقيقة الإسلام لأن حالات التعدي على المسيحيين قليلة" ولم يخبرنا سيادته عن العدد الشرعي المسموح به من الاعتداءات على المسيحيين، ومتى يصبح هذا الاعتداء غير شرعي؟ وهل قتل نفس واحدة مسالمة جائز عنده؟ وهل قرأ أحداث التعدي على حياة الأقباط وممتلكاتهم من الصعيد إلى القاهرة والإسكندرية منذ أحداث الخانكة في عصر السادات إلى أحداث الإسكندرية منذ شهرين؟ وهل يضمن سيادته عدم تكرار هذه الأحداث التي يراها قليلة؟ الموضوع يا سيدي الدكتور ليس عدد القتلى من المسيحيين المسالمين ولكنه مبدأ الإسلام في حفظ الحياة لكل إنسان مسالم ويقول رب العزة في كتابه الكريم ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً..﴾ (المائدة 32)، قتل إنسان بدون حق هو قتل للناس جميعا، والتعدي على إنسان بدون حق هو تعدي على الناس جميعا.



كلمة أخيرة أقولها للمتحدثين الأربعة: ليس في الإسلام سدنة ولا كهنة، وليس في الإسلام مؤسسة دينية تحتكر الحديث باسمه ونحن مسلمون عاديون ولسنا دعاة ولا نطمع في الظهور في التليفزيون أو المذياع أو الصحف، ولكننا نحب ديننا الإسلام، ونؤمن أن الإسلام هو دين العدل والإحسان والسلام والحرية في الرأي والفكر، وأن المسلم الحقيقي هو ذلك الذي يأمر بالمعروف (أي القيم العليا من العدل والإحسان والسلام والحرية والمغفرة) وهو الذي ينهى عن المنكر، (أي الظلم والبغي وأكل أموال الناس بالباطل وخدمة الظالمين وأن يشترى أحدهم بآيات الله تعالى ثمنا قليلا) فإذا لم تنضموا إلينا، فادعوا لنا أن يوفقنا الله في جهودنا المتواضعة في مقاومة اختطاف الإسلام من قبل الجهلاء والمتعصبون والقتلة والسفاحون وجماعات التطرف والغلو، وإذا بخلتم علينا بالدعاء فدعونا لشأننا نحاول قدر جهدنا المتواضع عسى أن ننقذ وطننا وأمتنا من مصير رهيب يخطط لهما بليل وكما قال حافظ إبراهيم في قصيدة مصر تتحدث عن نفسها (أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي).

2 Comments:

  • At 12:50 PM, Anonymous Anonymous said…

    عندهم حق
    حاول تلتمس لهم العذر
    المشكلة لن تحل بهذا الاسلوب

     
  • At 3:23 AM, Blogger Gemyhood said…

    بصراحة روز اليوسف دى انا بعتبرها مجلة كلينكس

    مكانها فقط فى الحمامات

     

Post a Comment

<< Home