سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Tuesday, May 06, 2008

اختيار من متعدد


اختيار من متعدد
إهداء إلي صديقي مختار العزيزي
-
"الشكر لله؟!"
قالها بأسلوب استنكاري، وروتينية من اعتاد علي ذلك.
في الواقع كان يجب أن أشكره بعد ما قام بحمل حقيبتي، عندما تخليت عن مقعدي في الميني باص لسيدة كبيرة السن.

وتلك الجملة الاعتراضية التي نسمعها كثيراً رداً علي "الشكر"، جديرة بالتأمل.

في الحقيقة لا أظنها في الجوهر تريد أن تقول ما تعنيه، حرفياً. وإلا كان معني هذا أنه عندما يسدي إليك أحدهم صنيعاً، فلن تشكره، بل ستشكر الله – في سرك. أو ربما تقول "الحمد لله" بصوت مسموع باعتبارها صيغة شكر، عندما يساعدك أحد علي شيء أو يجاملك، أو يفعل أي من تلك الأشياء التي تستحق الشكر. قد يظن من ساعدك أنك "قليل الذوق" إذا صمت، ولن يفهم إذا سمع "الحمد لله".

ما أظنه متضمناً في تلك العبارة هو رسالة أخري.
رسالة ترفض صيغة التعبير عن الشكر، لأنها تميل إلي صيغة أخري تراها أفضل. لهذا كان مقابلة ذلك التعبير عن الامتنان بهذا النفي أو الرفض – لا تشكرني، أشكر الله.

تلك الصيغة التي أعنيها هي تعبير "جزاك الله خيراً". هل النظرية في هذه الصيغة أنها تعبير من"السُّنة" ولهذا يجب استخدامها؟ أم أنك بها ترد الجميل أو العون بالدعاء، بمقابل أكثر سخاءً من الشكر؟

المهم أن "الشكر لله" يصبح معناها الآخر في سياق ما قلت " لا تقل شكراً، بل قل لي جزاك الله خيراً".

ولكن ماذا إذا اكتشفنا أن تلك الصيغة ليست تعبيراً من السنة؟
سيعني هذا أنها تطلب بشكل غير مباشر، مقابلاً معيناً، وهو الدعاء.

هنا أصل إلي إجراء لطيف ومباشر، وهو الاختيار من متعدد:
لماذا تترك مقعدك في الميني باص لسيدة مسنة، أو تحمل حقيبة عن شخص يقف في هذا الميني باص بينما أنت جالس؟
1) لأن هذا ثواب
2) لأن الدين أمرنا بهذا
3) لأن هذا جميل
4) حتي ينتشر الحب بين الناس
5) لأني أحب الناس
6) لأننا بشر ويجب أن نشعر ببعضنا
7) حتي يفعل غيري هذا لأمي أو أبي
8) ليس لسبب، لأني فقط أريد هذا
9) لا إجابة مما سبق
(ملحوظة: لا يوجد اختيار "كل ما سبق"!)

ربما يتضح ما أريد أن أقول، إذا حاولت أو حاولتي اختيار أحدي تلك الاختيارات

وللحديث بقية...