سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Saturday, June 11, 2011

مقال منى الطحاوي بالجارديان: الفحوص العذرية ستحدث شرارة الثورة المصرية الثانية


الفحوص العذرية ستحدث شرارة الثورة المصرية الثانية
بقلم: منى الطحاوي

بين الجنس والسياسة لا يوجد سوى خيط رفيع، ولا معنى للاستمرار في إعادة تلك الإسطوانة المشروخة على أسماعنا: الثورة المصرية "لم تكن عن الجندر". أي ثورة محترمة تلك التي يكون وقودها مطالب بالحرية والكرامة ولا ينبض قلبها بحديث الجندر – خاصة في بلد طافحة بكره النساء وبالأصولية الدينية (بنوعيها الإسلامي والمسيحي) رزحت لستين عاما تحت وطأة حكم بوليسي عسكري هجين؟

إذا كانت الإسطوانة المشروخة "لم تكن عن الجندر" قد علقت على التكرار حتى لا نخيف الأولاد فينصرفون، فدعهم يتذكرون أن الدولة انتهكتهم أيضا، بالمعني الحرفي للكلمة – اسأل السجناء السياسيين، وتذكّر العوازل الذكرية والفياجرا التي وجدها المتظاهرون عندما اجتاحوا مقار أمن الدولة.

حتى لا ننسى، لقد استبدلنا "مبارك" بمجلس أعلى من "مباركين" – والذي يطلق عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة –؛ وتعطّف علينا جنرال تحدث مؤخرا للـ CNN فذكّرنا ما تعنيه كلمة الأب. الجنرال الذي تحدث بشرط عدم التصريح باسمه اعترف أن الناشطات اللاتي اعتقلن أثناء مظاهرات ميدان التحرير بعد شهر من الإطاحة بمبارك قد خضعن بالفعل لـ "فحوص عذرية" – كما أصرت الناشطات طوال الوقت. قال الجنرال: "البنات اللاتي اعتقلن لم يكن مثل ابنتك أو ابنتي. هؤلاء الفتيات أقمن في مخيمات الاعتصام إلى جانب المحتجين الذكور في ميدان التحرير حيث عثرنا على مولوتوف ومخدرات."
ليس لدي أدنى شك أنه كان يؤمن حقيقةً أن هذا التفسير سيكون له معنى بالفعل. في النهاية، يندر للنساء المصريات أن يقضين الليل خارج بيوتهن، وأي زوجين عليهما إبراز عقد الزواج إذا أرادا حجز غرفة بفندق معا. ولكن حتى الآباء قد يجانبهم الصواب.
من خمس سنوات تقريبا، سيّس مبارك دون قصد الكثير من المصريين الذين كانوا سابقا غير مسيّسين، عندما بدأت قوات أمنه وبلطجيتهم المأجورين في تعمد استهداف التحرش الجنسي بالناشطات والصحفيات في المظاهرات. في مصر المحافظة، حيث تقاسي أغلب النساء في صمت تحرشا جنسيا يوميا في الشارع، كان النظام قد عقد العزم على تحسس ولمس النساء بأمل أن يخزيهن ذلك فيرجعن للبيت. ولكن بدلا من ذلك، رفعت النساء جيباتهن الممزقة لأعلى لتراها وسائل الإعلام. يختلف الأمر أن يتحرش بك ويتحسسك المارة في الشارع، ولكن أن تتحسسك الدولة، يعطي هذا الضوء الأخضر بأنك فريسة مستباحة.
في العام التالي، في وسط البلد بالقاهرة استهدفت تحرشات جنسية جماعية البنات والنساء في أحد الاحتفالات الدينية. كانت الشرطة تشاهد ذلك، ولم تفعل أي شيء. أنكرت الدولة حدوث التحرشات، ولكن المدونون الذين كانوا في موقع الحادث فضحوا هذه الكذبة؛ شجع هذا النساء على الكلام، وأجبر الرجال على الاستماع. للكثير من المصريين كانت هذه المرة الأولى التي أدركوا فيها ما الذي يعنيه أن تسير أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم في ساحة الحرب التي صارت إليها الشوارع المصرية. الآن أكثر من 80% من النساء يقلن أنهن تعرضن للتحرش الجنسي في الشارع، وأكثر من 60% من الرجال يعترفون بأهم فعلوا هذا.
ومع فحوص العذرية، مرة أخرى يعود المجلس الأعلى للقوات المسلحة للخيط الرفيع الذي يفصل بين الجنس والسياسة، بأمل أن يخزي هذا النساء فينصرفن عن التظاهر. كرر المجلس بالفعل كثيرا من الخطايا الأخرى التي اضطرت مبارك لمواجهة الوجه الغاضب للثورة: المحاكمات العسكرية للمدنيين، والاعتقال والتعذيب (الشرطة العسكرية الآن، وأمن الدولة وقتذاك)، وعدم التسامح مع المنتقدين.
فلنكن واضحين، "فحوص العذرية" ممارسة شائعة في مصر وتمتد عبر التقسيمات الطبقية والحضرية/الريفية، سواء أكانت "داية" تقليدية تفحص غشاء بكارة في ليلة زواج عروسة أو خبير طب شرعي أو طبيب يتم استدعاؤه بعد شكوك عريس ما، على الشابات فتح ساقيّهن لاسترضاء إله العذرية. ولكن لا أحد يتكلم عن هذا.
ولكن يختلف الأمر حين تكون الدولة/المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي يجبر النساء على الإبعاد ما بين ساقيّهن. هناك دعوة لمظاهرة يوم السبت. إنه الوقت المثالي ليخرج الحديث عن الجندر للنور.
يجب أن تكون هذه لحظة حسابنا مع إله العذرية. الغضب نحو الجيش يجب أن يُعني أيضا بالإذلال الذي تتسبب فيه تلك الفحوص، بغض النظر عن من يجريها.
حتى الآن، لا تزال وسائل الإعلام المصرية المتحدثة باللغة العربية تنظر في الأساس للجانب الآخر. كما صرّحت فاطمة إمام، الشابة الثورية، لقناة بلومبرج بعد إجبار مبارك على التنحي بوقت قصير: "الثورة لا تحدث فقط في التحرير، إنها تحدث في كل بيت مصري. إنها ثورة الكفاح ضد السلطة الأبوية."
الفحوص العذرية ستحدث شرارة الثورة المصرية الثانية.
فحوص العذرية التي يستخدمها حكام مصر الجدد تكشف عن أن الكفاح من أجل حقوق المرأة لا يزل مستمرا.

نشرت بصحيفة الجارديان، الخميس 2 يونيو، 2011.
http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2011/jun/02/egypt-next-revolution-virginity-tests?mobile-redirect=false

0 Comments:

Post a Comment

<< Home